أحكام الحامل والمرضع، وفرضية الصيام، وأوقات الإفطار والإمساك
رمضان شهر مبارك، شهر الخير والبركات، شهر يُجدد فيه المسلمون صلتهم بربهم، ويُكثرون من العبادات والتقرب إلى الله تعالى. ومن أهم العبادات التي فرضها الله على المسلمين في هذا الشهر الفضيل هو الصيام، الذي يُعد ركناً من أركان الإسلام الخمسة. ولكن قد تطرأ على المسلم بعض الظروف التي تجعله يتساءل عن أحكام الصيام، خاصة في حالات مثل الحمل والرضاعة، أو عن مواعيد فرض الصيام، وأوقات الإفطار والإمساك. في هذه المقالة، سنتناول بالتفصيل هذه المواضيع المهمة، مع توضيح الأحكام الشرعية المتعلقة بها.
ماذا يجب على الحامل والمرضع إذا أفطرتا في رمضان ؟
الحمل والرضاعة من الحالات التي قد تشق على المرأة الصيام، خاصة إذا كان هناك خوف على صحتها أو صحة جنينها أو رضيعها. وقد راعى الإسلام هذه الظروف، وأعطى المرأة الرخصة في الإفطار في رمضان إذا شعرت بأن الصيام قد يضر بها أو بطفلها.
أحكام الإفطار للحامل والمرضع:
الإفطار عند الخوف من الضرر: إذا كانت الحامل أو المرضع تخشى على نفسها أو على طفلها من الضرر بسبب الصيام، فإنه يجوز لها الإفطار. وقد دل على ذلك قول الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (البقرة: 184). والحامل والمرضع في حكم المريض إذا كان الصيام يسبب لهما مشقة أو ضرراً.
قضاء الأيام المفطورة: يجب على الحامل والمرضع التي أفطرت في رمضان قضاء الأيام التي أفطرتها بعد انتهاء شهر رمضان، وذلك عندما تتحسن حالتها وتستطيع الصيام دون مشقة. وهذا القضاء واجب، ولا يجوز تأخيره دون عذر.
الإطعام بدلاً من القضاء: إذا كانت الحامل أو المرضع لا تستطيع القضاء بسبب استمرار الحمل أو الرضاعة لسنوات متتالية، أو بسبب ظروف صحية، فإنها تُطعم عن كل يوم أفطرته مسكيناً. وذلك بإعطاء نصف صاع من الطعام (ما يعادل حوالي 1.5 كيلوغرام) لكل يوم أفطرته.
النية والإخلاص: يجب على الحامل والمرضع أن تنوي الإفطار بسبب العذر الشرعي، وأن تكون صادقة في خوفها من الضرر. ولا يجوز لها الإفطار دون سبب شرعي.
نصيحة للحامل والمرضع:
ينصح الأطباء الشرعيون الحامل والمرضع باستشارة الطبيب المختص قبل اتخاذ قرار الإفطار. فإذا كان الصيام لا يسبب ضرراً، فيجب عليها الصيام، أما إذا كان هناك خطر على صحتها أو صحة طفلها، فيجب عليها الإفطار وقضاء الأيام لاحقاً.
صيام رمضان من العبادات العظيمة التي فرضها الله تعالى على المسلمين، وقد كان فرضه في السنة الثانية للهجرة، أي بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة المنورة.
تاريخ فرض الصيام:
قبل فرض رمضان: كان المسلمون في بداية الإسلام يصومون يوم عاشوراء فقط، وهو اليوم العاشر من شهر محرم، اقتداءً بصيام النبي صلى الله عليه وسلم وأمره للمسلمين بصيامه.
نزول آية الصيام: في السنة الثانية للهجرة، نزلت آيات الصيام في سورة البقرة، حيث قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183). وهذه الآية كانت بداية فرض الصيام على المسلمين.
تدرج فرض الصيام: في البداية، كان الصيام اختيارياً، حيث كان المسلمون مخيرين بين الصيام أو إطعام مسكين عن كل يوم. ثم بعد ذلك، فرض الله الصيام على جميع المسلمين القادرين، مع إعطاء الرخصة للمريض والمسافر.
أهمية صيام رمضان:
صيام رمضان ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو عبادة تهدف إلى تقوى الله وتهذيب النفس، وتعويد المسلم على الصبر والتحمل، والشعور بمعاناة الفقراء والمحتاجين.
الإفطار في رمضان له وقت محدد شرعاً، وهو من الغروب حتى طلوع الفجر. وقد بين الله تعالى في القرآن الكريم وقت الإفطار بقوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (البقرة: 187). أي أن الصيام يستمر حتى دخول وقت الليل، وهو وقت غروب الشمس.
علامات الإفطار الشرعية:
غروب الشمس: يُفطر الصائم عند غروب الشمس، سواء رأى الغروب بعينه أو تأكد منه من خلال التقويمات الشرعية الموثوقة.
الأذان للمغرب: يُستحب للصائم أن يفطر مباشرة عند سماع أذان المغرب، ولا يجوز تأخير الإفطار دون سبب.
الدعاء عند الإفطار: من السنة أن يدعو الصائم عند الإفطار بقول: "ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله".
ما يُفطر عليه الصائم:
يُستحب أن يفطر الصائم على رطب أو تمر، اقتداءً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم. فإن لم يجد، فيفطر على الماء أو أي طعام حلال.
متى يجب على الصائم الإمساك عن الطعام والشراب ؟
الإمساك عن الطعام والشراب يبدأ من طلوع الفجر الصادق حتى غروب الشمس. وقد بين الله تعالى ذلك في قوله: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (البقرة: 187). أي أن المسلم يجب أن يمسك عن الطعام والشراب عند ظهور الفجر الصادق.
علامات الإمساك:
الفجر الصادق: هو الضوء الذي يظهر في الأفق قبل شروق الشمس مباشرة، ويختلف عن الفجر الكاذب الذي يظهر ثم يختفي.
أذان الفجر: عند سماع أذان الفجر، يجب على الصائم أن يمسك عن الطعام والشراب، حتى لو كان في يده كأس ماء أو لقمة طعام.
النية: يجب أن ينوي الصائم الصيام من الليل، وذلك بأن يبيت النية في قلبه قبل الفجر.
نصيحة للمسلمين:
يجب على المسلم أن يحرص على تناول وجبة السحور، فهي بركة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تسحروا فإن في السحور بركة" (رواه البخاري). كما يجب عليه أن يحرص على عدم تأخير السحور حتى لا يدخل في وقت الفجر وهو لا يزال يأكل أو يشرب.
صيام رمضان عبادة عظيمة، لها أحكامها الشرعية التي يجب على كل مسلم أن يعرفها. فالحامل والمرضع لهما رخصة الإفطار إذا كان الصيام يسبب لهما ضرراً، مع وجوب القضاء لاحقاً. وقد فرض الله الصيام في السنة الثانية للهجرة، وجعل وقت الإفطار من غروب الشمس، ووقت الإمساك من طلوع الفجر. فليحرص كل مسلم على أداء هذه العبادة على الوجه الذي يرضي الله تعالى، وليستفد من هذا الشهر الكريم في تقوية إيمانه وتهذيب نفسه.
https://amrelmolahz.blogspot.com/